الزواج في زمن عدم الاستقرار

كيف يواجه الأزواج فقدان الوظيفة؟ علياء حامد راو، أستاذة مساعدة في قسم المنهجية في مدرسة لندن للاقتصاد ، تركز على مجال بحثي مهمل: كيف يؤثر البطالة على الأسر الميسورة – أو التي كانت ميسورة سابقاً. تكتب راو أن حوالي 92% من العاملين في المهن المكتبية سيواجهون فقدان العمل في مرحلة ما. عندما يحدث ذلك، تعلمت راو أن الأمريكيين الميسورين يقلقون بشأن فقدان مكانتهم الاجتماعية أكثر من خوفهم من الوقوع في الفقر.

يؤدي هذا الخوف إلى تمسك العديد من الأزواج برؤية قديمة للحياة الأمريكية؛ فبدلاً من اعتبار البطالة فرصة لإعادة تنظيم علاقاتهم الأسرية، تجد راو أن البطالة تعزز الصور النمطية غير الصحية وغير المنتجة والمتحجرة المتعلقة بالنوع الاجتماعي وعدم المساواة بين الجنسين.

تشويس وصفت عمل راو بأنه “قراءة أساسية للطلاب والباحثين المهتمين بالتفاوضات الجندرية وأنماط العمل المدفوع والعمل المنزلي ذات الطابع الجندري. الكتاب بحثه عميق ومنسجم مع الأدبيات ذات الصلة، لكنه أيضاً سهل الفهم ويمكن تدريسه في أي مساق جامعي يتعلق بالنوع الاجتماعي والعمل والأسرة… أساسي.” أما مراجعة كتب مدرسة لندن للاقتصاد فوصفته بأنه “… إضافة ضرورية للأبحاث السوسيولوجية حول البطالة التي تفتقر بشكل مفاجئ إلى منظور النوع الاجتماعي/العائلة والعمل… مكتوب بأسلوب جذاب ويسهل على جمهور واسع قراءته.”

كان الهشاشة المهنية سابقاً مقتصرة على العمال ذوي الأجور المنخفضة، لكنها أصبحت اليوم سمة متأصلة في تنظيم العمل وسوق العمل الأمريكي.علياء حامد راو

خلال الركود الكبير بين عامي 2007 و2009، بلغت البطالة 10%، وتكشف الكاتبة أن فقدان الوظائف المكتبية استمر لفترة أطول من مدة الركود، خاصة بالنسبة للنساء. أصبحت التغيرات التي طرأت على العمل والتوظيف جراء الركود الكبير دائمة، مع قيام المؤسسات بتقليص أعمالها والاستعانة بمصادر خارجية.

تكتب راو أن فقدان الوظيفة يدمر الأسر المترفة ويهدد صورتهم الذاتية ومكانتهم الاجتماعية. يدخل الناس في الزواج وهم يحملون تصورات جندرية عن الحياة الأسرية تتشكل وفق العرق، والطبقة الاجتماعية، والخلفية. وتظهر أبحاثها أنه تحت ضغط البطالة، تلجأ الأسر الثرية إلى الصور النمطية التقليدية التي تصنف الرجال كمُعالين أساسيين، وتصور العمل المأجور للنساء كخيار وليس ضرورة.

الامتثال

ترى راو أن البحث عن عمل يدفع الأشخاص إلى الامتثال لـ”معيار الباحث المثالي عن وظيفة”: أي توقع أن يكرس العاملون وقتاً وجهداً كبيرين للحصول على أفضل وظيفة ممكنة بصرف النظر عن أوضاعهم المالية. وتكتب أن معيار الباحث المثالي عن وظيفة نشأ استجابة لتزايد انعدام الأمان الوظيفي. تدرك الشركات اليوم نفقات ذلك، بما يشمل البحث والتوظيف والاستقطاب والإدماج والاحتفاظ بالموظفين.

معيار الباحث المثالي عن العمل هو توقع يفرضه سوق العمل المعاصر أساساً.علياء حامد راو

تؤكد راو أن الرجال يتمكنون من الامتثال لهذا المعيار بسهولة أكبر من النساء لأن أنظمة دعمهم تشجعهم وتوفر لهم إمكانية البحث عن عمل. ويكتسب الرجال “مكانة أخلاقية” من خلال انشغالهم باستعادة التوظيف، لكن المجتمع يتوقع من النساء إيجاد الإشباع في العمل المنزلي بدلاً من العمل المأجور. وغالباً ما تجري عملية البحث عن عمل في المنزل، ووجدت راو أن الرجال والنساء يعودون إلى “السيناريوهات الثقافية” الجندرية خلال الفترات العصيبة وغير المستقرة.

الرجولة المهيمنة

تؤكد راو أن الأزواج في دراستها يتمسكون بالنمط التقليدي للرجولة المهيمنة: فالزوج هو المُعيل الأساسي، والزوجة هي مديرة المنزل الأولى، ويعيشان في منزل بضاحية راقية.

تُحدد مساحة المنزل على أنها مساحة أنثوية من خلال التفاعلات اليومية وفهم هذه الأزواج، وغالباً ما يُنظر إلى الرجال على أنهم متطفلون.علياء حامد راو

تشدد الكاتبة على أن العمل المأجور يساوي الاحترام الاجتماعي؛ إذ تفتقر الأسر الثرية إلى “السيناريوهات الثقافية” لمساعدة الرجال في أداء دورهم المنزلي أثناء البحث عن وظيفة. وهكذا، على الأزواج التنقل في منطقة غير مألوفة مع إيلاء أولوية لإعادة التوظيف، رغم قلة خبرتهم في مواجهة الضغط الناتج عن البطالة وفقدان المكانة.

الهوية المثالية

تكشف راو أن الأمريكيين البيض من الطبقتين الوسطى والعليا غالباً ما يعيدون تأطير بطالة المرأة كفرصة لتكريس نفسها كزوجة وأم. بينما تدرك النساء اللواتي يواجهن صعوبات مالية أن البقاء في المنزل يهدد استقلالهن المادي.

تُؤطر النساء وأزواجهن بطالة النساء على أنها وسيلة لتصحيح خلل في التوازن بين العمل والأسرة نتج مباشرة عن عمل المرأة.علياء حامد راو

وتصف راو بحساسية كيف أن البحث الطويل غير المثمر عن عمل يضعف تقدير الشخص لذاته. وتشير مثلاً إلى كيف استخدم زوجان، تمارا وكيفين غولدبرغ، سؤال “كيف كان يومك؟” كرمز لمعرفة حالتهما النفسية أثناء فترة البطالة.

المسؤوليات المنزلية

تخلص راو إلى أن النساء العاطلات عن العمل نادراً ما تتوافر لديهن الوقت أو الدعم أو الموارد ليكن باحثات مثاليات عن وظيفة.

من منظور التفاعل الاجتماعي للجندر، تُشكل الأعمال المنزلية محكاً يؤدي من خلاله الرجال والنساء أدوارهم الجندرية، سعياً للحصول على الاعتراف بهذه الهوية من الآخرين.علياء حامد راو

تتحمل النساء مسؤولية أكبر في رعاية الأطفال وأداء الأعمال المنزلية مقارنة بالرجال، حتى عندما يكون دخل الرجال أقل أو في حالات البطالة. ما تزال الأعمال المنزلية ورعاية الأطفال مؤشرات على الهوية الجندرية، لا سيما خلال فترات البطالة. وتشرح راو أن ممارسات إظهار النوع الاجتماعي نابعة من تصورات المجتمع حول الأنوثة والرجولة – وغالباً ما تمتثل الأزواج البيض الميسورين من ذوي الميول الجنسية التقليدية لهذه التصورات.

تدهور الصورة الذاتية

تستكشف علياء حامد راو مجالاً قل من خاضه – وهو ردود فعل الأسر الثرية عند مواجهة البطالة غير المألوفة. تركز على كيفية تأثير النوع الاجتماعي على ديناميكيات الأزواج، والصورة الذاتية، والوظيفة في سوق العمل، والسلوك المجتمعي. وقد فوجئ العديد من الأزواج الذين درستهم بفقدان امتيازاتهم. كان الرجال يميلون إلى التعبير عن إحباط عميق عند ملاحظتهم انخفاض قيمتهم المادية – وبالتالي قيمتهم الاجتماعية – بشكل كان بالنسبة لهم غير مفهوم. ويبدو أن القليل منهم كان يتوقع مثل هذا الموقف أو يمتلك مهارات تأقلم متقدمة، ما جعلهم، بحسب راو، يعودون إلى الأعراف الجندرية البالية.

راو أكاديمية وأسلوبها يعكس ذلك. قد يكون نصها معقداً بلا داعٍ وفي بعض الأحيان تستخدم مصطلحات فنية. وعلى الرغم من ذلك، تُعد دراستها جذابة وستقدم لمسؤولي الموارد البشرية وقادة الشركات رؤى جديرة بالاهتمام حول الأشخاص الذين سبق لهم أن فقدوا وظائفهم ويمكن أن يتم توظيفهم أو قيادتهم مستقبلاً.

ومن الكتب ذات الاهتمام الموازي: American Hookup: The New Culture of Sex on Campus للكاتبة ليزا ويد؛ Making Motherhood Work: How Women Manage Careers and Caregiving للكاتبة كايتلين كولينز؛ وSecond Shift: Working Families and the Revolution at Home للكاتبة أرلي هوشيلد مع آن ماتشونغ.